واشنطن تتراجع وتستأنف برامج مساعدات حيوية في سوريا ولبنان والأردن والعراق
واشنطن تتراجع وتستأنف برامج مساعدات حيوية في سوريا ولبنان والأردن والعراق
استأنفت الولايات المتحدة الأمريكية ما لا يقل عن ستة برامج مساعدات غذائية طارئة كانت قد أوقفتها مؤخرًا، في تحوّل مفاجئ لإدارة الرئيس دونالد ترامب.
وقالت وكالة رويترز الأربعاء، نقلًا عن ستة مصادر مطلعة، إن القائم بأعمال نائب مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، جيريمي لوين، أرسل بريدًا إلكترونيًا للموظفين دعاهم فيه إلى العدول عن إيقاف البرامج، مضيفًا: "نعتذر عن كل الارتباك المتعلق ببرامج المساعدات.. هذا خطئي، وأنا أتحمل المسؤولية".
برامج توقفت ثم عادت
أكدت خمسة مصادر أن البرامج التي جرى استئنافها تشمل أنشطة برنامج الأغذية العالمي في: لبنان، سوريا، الصومال، الأردن، العراق، الإكوادور، كما استؤنفت أربع منح للمنظمة الدولية للهجرة في منطقة المحيط الهادئ، بحسب مصدرين آخرين.
ويأتي هذا التراجع عقب أيام فقط من إلغاء أكثر من 12 برنامجًا للمساعدات الإنسانية، من بينها مشاريع منقذة للحياة في اليمن وأفغانستان وسوريا والصومال، بقيمة إجمالية تجاوزت 1.3 مليار دولار.
وذكرت مصادر أن ضغوطًا قوية من داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس دفعت إلى إعادة تقييم القرار، خاصة بعد تقارير عن عواقب إنسانية مباشرة لتوقف تلك المساعدات.
وكان وزير الخارجية ماركو روبيو قد منح إعفاءات لبعض البرامج الملغاة، خاصة في سوريا ولبنان والأردن، لكنها لم تكن تعني قرارًا نهائيًا بالاستئناف، بحسب وزارة الخارجية.
ووفق منظمة Stand Up for Aid التي تضم مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، فإن البرامج الملغاة التابعة لبرنامج الأغذية العالمي وحدها في الدول الأربعة كانت تتجاوز 463 مليون دولار.
مساعدات مستبعدة
رغم هذا التراجع، لم تستأنف الولايات المتحدة برامجها في أفغانستان واليمن، في ظل استمرار الحذر الأمريكي من إمكانية استفادة حركة طالبان والحوثيين من الدعم.
وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أن واشنطن تخشى أن تستخدم طالبان والحوثيون المساعدات لأغراض غير إنسانية، ما يمنع استئناف التمويل في الوقت الراهن.
وفي جنوب السودان، أعلنت هيئة إنقاذ الطفولة أن ثمانية أشخاص، بينهم خمسة أطفال، لقوا حتفهم بسبب الكوليرا، بعد أن اضطروا للسير ساعات للوصول إلى مركز علاج، عقب توقف الخدمات الصحية نتيجة تقليص التمويل الأمريكي.
وقالت الهيئة إن هذه الحادثة التي وقعت الشهر الماضي، هي أول حالة وفاة تُعزى بشكل مباشر إلى خفض المساعدات، في مشهد يعكس تأثير القرار الأمريكي على الأرواح في المناطق الأكثر هشاشة.
سياسة المساعدات الإنسانية
على مدى الفترة الأخيرة، شهدت السياسات الأمريكية الخارجية المتعلقة بالمساعدات الإنسانية تغيرات جذرية، خاصة خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، فقد تبنت إدارته توجهًا يقوم على تقليص الإنفاق الخارجي وزيادة "الكفاءة الحكومية"، ما أدى إلى خفض أو إلغاء عشرات برامج المساعدات في مناطق النزاع والفقر حول العالم.
وأعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، تحت إشراف مسؤولين محسوبين على تيارات محافظة أو اقتصادية صارمة، وقف تمويل برامج غذائية وصحية حيوية في أكثر من 12 دولة، بينها سوريا واليمن والصومال ولبنان.
وقد جاء القرار في وقت كانت فيه تلك الدول تشهد أزمات إنسانية خانقة بفعل الحروب، الكوارث المناخية، والانهيار الاقتصادي.
قوبلت هذه القرارات بانتقادات شديدة من منظمات الإغاثة العالمية، وأعضاء في الكونغرس، ومؤسسات حقوقية دولية، مثل أوكسفام وهيومن رايتس ووتش، التي عدت الخطوة تهديدًا مباشرًا لحياة ملايين الأشخاص، خصوصًا في مناطق النزاع.
وأثار دور جيريمي لوين، وهو مسؤول إداري تم تعيينه ضمن برنامج لـ"الكفاءة الحكومية" يشرف عليه الملياردير إيلون ماسك، تساؤلات حول مدى خبرته في الشؤون الإنسانية والمعايير التي اعتمدت لاتخاذ قرار إلغاء المساعدات.
وقد دفعت الضغوط الداخلية، وتصاعد الكلفة الأخلاقية والإنسانية، إلى تراجع جزئي عن القرار، تمثل في استئناف بعض البرامج، لكن القلق لا يزال قائمًا بشأن الاستمرارية والاستقرار في الدعم الإنساني الأمريكي، لا سيما في ظل استمرار النزاعات وتدهور الأوضاع الاقتصادية في عدة مناطق.